أخر الاخبار

الأساس المحاسبي في ضريبة المهن غير التجارية

  

"الأساس المحاسبي في ضريبة المهن غير التجارية 

بقلم د. عرفان فوزي مدير عام بقطاع البحوث مصلحة الضرائب المصرية"

      من المعلوم أنة وفقاً للفكر المحاسبي أنة يتم حصر الإيرادات والمصروفات في وفقاً لثلاث أسس هي:

(1) أساس الاستحقاق:                          

     ويعني أساس الاستحقاق  تحميل كل فترة مالية بجميع المصروفات والنفقات التي تخصها سواء  دفعت أو لم تدفع ،وكذلك حصر جميع الإيرادات التي اكتسبت خلال نفس الفترة سواء قبضت أو لم تقبض، ويقتضي الأخذ بأساس الاستحقاق إجراء التسويات اللازمة لتحديد ما يخص كل فترة مالية من الإيرادات والمصروفات وتحميلها بها ، ومن مزايا الأخذ بأساس الاستحقاق:

-         تصوير حساب كل فترة مالية تصويراً دقيقاً وصحيحاً .

   - من خلال أساس الاستحقاق فإنه يسهل عملية المقارنة بين الإيرادات الناتجة عن الفترات المالية للنشاط أوالمنشأة على أساس سليم حيث لا تدخل مصروفات الفترات المالية المتعاقبة للمنشأة أو النشاط ضمن مصروفات الفترات المالية الأخرى، وكذلك لا تدخل إيرادات فترات مالية معينة ضمن إيرادات الفترات المالية الأخرى لنفس المنشأة أو النشاط.

(2) الأساس النقدي:                               

      يعني الأساس النقدي تحميل كل فترة مالية بجميع المصروفات والنفقات التي دفعت خلال الفترة سواء كانت تخصها أو تخص فترات سابقة أو لاحقة، وكذلك تحميل جميع الإيرادات التي قبضت خلال نفس الفترة سواء اكتسبت أو لم تكتسب فطبقاً لهذا الأساس يتم الاعتراف بالإيراد ومقابل الخدمة المؤداه عند تحصيله وليس عند تأدية الخدمة، وبالتالي يدرج في إيرادات سنة المحاسبة [السنة المالية للممول] كل ما يتم تحصيله من إيرادات خلال هذه السنة سواء كان ناتج من خدمات أديت خلال السنة أو أديت في سنة سابقة أو ستؤدي في فترة لاحقة، فالعبرة بواقعة التحصيل وليس بواقعة تأدية الخدمة، وكذلك الحال بالنسبة للمصروفات فكل ما يتم دفعه من نفقات خلال الفترة يعتبر من المصروفات التي يتعين مقابلتها مع ما تم تحصيله من إيرادات خلال ذات الفترة سواء كانت هذه المدفوعات عن مصروفات تخص الفترة أو تخص فترة سابقة أو لاحقة للفترة التي دفعت فيها .

الأساس المحاسبي في ضريبة المهن غير التجارية


(3) الأساس  المختلط:                                 

      يتشكل الأساس المختلط من مزيج من الأساس النقدي وأساس الاستحقاق، كأن يطبق الأساس النقدي على الإيرادات فتتحمل السنة بما يقبض منها فقط سواء اكتسبت أو لم يكتسب [ أي دفعت أو تدفع] ،ويطبق الاستحقاق على المصروفات حيث تتحمل نفس الفترة بكافة المصروفات سواء دفعت أو لم تدفع.

      هذه هي أسس الاعتراف بالإيرادات والمصروفات في العرف المحاسبي فأي من هذه الأسس أخذا المشرع الضريبي المصري بالنسبة لإيرادات المهن غير التجارية؟ وهذا ما سنحاول الإجابة عليه كالتالي:

     لما كان المشرع قد ألزم في المادة 78ق 91 لسنة 2005 كل ممول من أصحاب المهن الحرة بأن يسلم إلى كل من يدفع إليه مبلغاً مستحقاً له بسبب ممارسته المهنة أو النشاط كأتعاب أو عمولة أو مكافأة أو أي مبلغ آخر خاضع لهذه الضريبة إيصالاً موقعاً عليه منه، موضحاً به التاريخ وقيمة المبلغ المحصل، وقد جري تعديل على هذه المادة بالقانون 73 لسنة 2010 ألزم ممولي المهن الحرة والنشاط التجاري بأصدار فاتورة ضريبية عن كل تعامل،  ويلتزم الممول بتقديم سند التحصيل إلى المصلحة عند كل طلب، فإنه يتضح من ذلك أن المشرع قد جعل الواقعة المنشأة للضريبة من أرباح المهن غير التجارية هي تحقق أرباح صافية للممول، ويتضح لنا أن المشرع قد اتخذ من الأساس النقدي أساساً للمحاسبة عن هذه الضريبة مستبعداً مبدأ أساس الاستحقاق، نظراً لما رعاه من أن أصحاب هذه المهن لهم وضع خاص يختلف عن ذوي الأنشطة التجارية ،حيث أن الأخذ بأساس الاستحقاق من شأنه أن يعرض بعض أرباح المهن الغير تجارية للضياع مما قد يؤدي إلى إلحاق الظلم بهم واقتضاء ضريبة منهم على أرباح لم يحصلوا عليها فعلاً ، وبذلك يكون القانون 91 لسنة 2005 لم يخرج في هذا الشأن عن القانون 157 لسنة81 والمعدل بالقانون 187 لسنة93 في أخذه بالأساس النقدي عند تحديده للإيرادات الخاضعة للضريبة ،وهو ما يستفاد من المواد 66 ، 67 ، 68 ق187 لسنة93.

وتسير  مصلحة الضرائب على الأخذ بقاعدة الربح النقدي حيث تحدد الإيرادات التي تدخل في وعاء الضريبة بالإيرادات التي تم قبضها خلال السنة.

ما يترتب على اتخاذ الربح النقدي أساساً للمحاسبة في ضريبة المهن الغير تجارية:

      أنه يدخل في وعاء الضريبة ما يتم قبضه مقدماً عن سنوات مقبلة أو مؤخراً عن سنوات سابقة على أنه إذا قام الممول برد كل هذه المبالغ أو جزء منها في سنة تالية وكان قد سبق إخضاعها للضريبة فيحق له خصمها من الأرباح في السنة التي ردت فيها.

      لا تقتصر المتحصلات التي يشملها الوعاء على الإيرادات المحصلة نقداً، وإنما تشمل أي إيرادات أديت للممول سواء تم قبضها أو بشيكات أو بوضعها تحت تصرف الممول في حسابه الجاري أو تم أداؤها بطريق المقاصة أو أي طريقة أخرى من طرق الأداء.

       أن الأخذ بالأساس النقدي بالنسبة للإيرادات يتفق وطبيعة إيرادات الخدمات فهي لا تتأكد إلا عند تحصيلها، فالطبيب الذي يقوم بإجراء عملية جراحية على سبيل المثال وتنتهي بوفاة المريض قد لا يحصل على باقي أتعابه عن العملية، وكلك المحامي الذي يترافع في قضية وتنتهي بالحكم بإعدام المتهم أو بحكم مشدد فإنه قد لا يحصل على باقي أتعابه عادة وهكذا في حالات كثيرة مشابهة.

       أنه لا وجه للقول بالقياس على ضريبة الأرباح التجارية والصناعية وذلك بالأخذ بأساس الاستحقاق ذلك أن طبيعة النشاط المهني أو غير التجاري تختلف عن طبيعة النشاط التجاري والصناعي، فبينما تكون العلاقات غالباً محدودة بالخدمة التي يقدمها المهني لعميله ولا يتصور تأجيل استحقاق المقابل إلى وقت آخر،في حين تكون العلاقات التجارية والصناعية ممتدة في الزمن ويتصور تكرارها وتشابكها بين المنشأة والعميل أو بين المنشاة والمنشآت الأخرى مما قد يستدعي تأجيل دفع قيمة السلعة أو الخدمة إلى وقت آخر.

   أساس تحديد المصروفات:

       فقد أخذ المشرع الضريبي بالنسبة للمصروفات والنفقات بأساس الاستحقاق، حيث تنص المواد 33 ،35 من القانون 91 لسنة 2005 ،على ضرورة أن يخصم من الإيرادات جميع التكاليف والمصروفات اللازمة لتحقيق الإيراد ولمزاولة النشاط بما فيها إهلاكات الأصول ،وبذلك يكون المشرع لم يشترط لخصم المصروفات المختلفة أن يكون الممول قد قام بدفعها بالفعل .

       باستثناء البنود الأربعة التي ذكرها في الفقرة الثانية من المادة 33 من القانون والتبرعات التي أجاز خصمها في المادة 34 حيث يؤخذ بالأساس النقدي بالنسبة للمصروفات التي عددها القانون علي سبيل الحصر، وهي رسوم القيد والاشتراكات السنوية، ورسوم مزاولة المهنة، والضرائب المباشرة كالضرائب العقارية، أما التكاليف الأخرى واجبة السداد والتي لم ينص عليها صراحةً فيؤخذ بأساس الاستحقاق طالما توافرشرط اليقين،"التأكد من حدوثها" وطالما مؤيدة بالمستندات أوالمعقولية بالنسبة لبعض المصروفات النثرية، ومن أمثلة هذه المصروفات الإيجار، الأجور والمرتبات، مصاريف الانتقال وغيرها .

       وأرى  أن المشرع قد أحسن في القانون 91 لسنة 2005 بأخذه بالأساس النقدي كأساس في المحاسبة عند تحديد الإيرادات التي تدخل في وعاء الضريبة ، وأخذه في بعض الحالات بالنسبة للمصروفات بأساس الاستحقاق، وبذلك يكون المشرع قد رجح الأساس المختلط أو المشترك عند تحديده للوعاء المهني، ويرى الباحث أن هناك ضرورات عملية في المحاسبة تبرر الأخذ بالأساس المختلط خاصة بالنسبة لبعض الأنشطة التي تتداخل فيها الإيرادات والمصروفات بشكل يتعذر معه الفصل ولذلك نجد أن مصلحة الضرائب قد أصدرت تعليمات)تفسيرية رقم 2 للمادة 73  قانون 175 لسنة 1981  أكدت فيها بأنه إذا ثبت أن الممول يمسك دفاتر منتظمة على أساس طريقة الاستحقاق وأمكنه أن يستخلص منها إقرارلمصلحة الضرائب مبنياً على الأساس النقدي وتمكنت المأمورية من مطابقة إقراره على دفاتره فلا ترفض الدفاتر بسبب إتباع الممول طريقة الاستحقاق، بل يعدل الإقرار طبقاً للأساس النقدي من واقع البيانات الواردة في دفاتره.

وبنهاية هذه المقالة يتضح لنا تميز وتفرد المحاسبة عن الضريبة على إيرادات المهن غير التجارية بقواعد مختلفة عن المحاسبة في ضريبة النشاط التجاري والصناعي.

مع خالص تحياتي د. عرفان فوزي

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-